Thursday, May 7, 2009

نعم يمكن الشفاء من السرطان

ليس من المرجح أن هناك إنساناً واحداً تجاوز الأربعين ولا يعرف اسم شخص من أقاربه أو أصدقائه أصيب بنوع من أنواع السرطان. وفي الوقت ذاته قد لا يعرف الكثيرون أن عدد البشر، وفي كل مكان، الذين شفوا تماماً أو عاشوا أكثر من خمس سنوات بعد الإصابة يتصاعد بنسب كبيرة. وقبل ثلاثين سنة أو نحوها كان هدف المعالجين بقاء المريض حياً لمدة خمس سنوات بعد الإصابة. أما اليوم فإن الشفاء الكامل المستمر أضحى ممكناً في معظم الأحيان إذا تم تشخيص المرض في بداياته الأولى.

وقد أحاطت بكلمة «سرطان» باقات من الخرافات والأساطير حتى ان أعداداً كبيرة من البشر يخافون حتى من التلفظ بهذه الكلمة، ويصابون بالذعر عند سماعها، فمنهم من يتعوذ، ومنهم من يغادر المكان، ومنهم من يصاب بالأرق حتى تهاجمه - أو تهاجمها - الكوابيس إذا نام.

وتثبت الحقائق المجردة أن عدد من يموتون بسبب أمراض القلب والشرايين - في المناطق التي فيها إحصاءات موثقة - أكبر من عدد ضحايا السرطان. وعدد من يموتون بسبب مرض سكر الدم يزيد بكثير عن موتى مرض السرطان على الأقل في الجزيرة العربية.

وبالطبع مرض سكر الدم بذاته لا يؤدي الى وفاة المريض إلا نادراً ولكن عدم السيطرة عليه يؤدي إلى أمراض القلب والشرايين والفشل الكلوي والحمى وبتر الأطراف.

أما سبب الخوف من السرطان أضعاف مرات الخوف من أي مرض آخر فقد يكون الوهم الشائع بأن كل الأمراض الأخرى يمكن علاجها والسرطان لا يمكن علاجه.

والهدف من كتابة هذا المقال هو التوضيح والتأكيد على أن الملايين من عباد الله ممن أصيبوا بمرض السرطان قبل سنوات ليسوا أحياء فحسب بل يتمتعون بصحة جيدة، بمن فيهم بعض المرشحين لتولي الرئاسة الأميركية.

وكثيراً ما أتلقى الأسئلة والاستفسارات عن هذا المرض من مواطنين سعوديين، لأن الكثير منهم يعرفون أنني سبق وأصبت به ومازلت حياً ارزق بل وبصحة جيدة والحمد والشكر لله ثم للعلماء المبدعين ومن تبعهم من الأطباء المعالجين.

وهذه قصتي الشخصية مع السرطان بإيجاز شديد. في شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 1996 بدأت أشعر في نهاية اليوم بإرهاق وارتفاع طفيف في درجة الحرارة، فظننت أن ما شكوت منه ما هو إلا بدايات أنفلونزا أو تعب طبيعي بسبب إرهاق العمل، الذي كان يتجاوز 16 ساعة يومياً. وبعد استمرار هذه الاعراض ذهبت إلى المستشفى واثبت تحليل الدم أنني مصاب بأشد أمراض سرطان الدم فتكاً. وبدعم القيادة السياسية السعودية معنوياً ومادياً استطعت أن ابحث عن العلاج في أفضل وأرقى المستشفيات. فخضعت لإجراء نقل للنخاع من أحد أشقائي. وتدريجياً قلت كميات الأدوية وتحسنت صحتي حتى صارت مماثلة لصحة الأصحاء ممن هم في سني، ولا أحتاج إلى أي دواء له علاقة بالسرطان بعد ما يزيد على عشر سنوات من الإصابة، ثم إجراءات نقل النخاع. وكل شيء في نهاية المطاف محكوم بإرادة الله.

والمراد قوله إنه يمكن الشفاء من السرطان كما يمكن الشفاء من أمراض أخرى. ولا يختلف السرطان عن أمراض أخرى مزمنة أو غير مزمنة من ناحية أنه كلما تم الاكتشاف مبكراً ارتفعت نسبة احتمال الشفاء من السرطان أو غيره من الأمراض. حتى سرطان الرئة وهو من أخطر أنواع هذا المرض يمكن علاجه والشفاء منه إذا تم اكتشافه مبكراً. ومع أن سرطان الثدي يفتك بآلاف النساء سنوياً فإن علاجه ليس متعذراً، ولكن المشكلة تكمن في عدم اكتشافه مبكراً.

غير أن مريض السرطان يحتاج إلى عزيمة أكبر وقوة إرادة حديدية للمقاومة وحماية مفرطة من الأمراض المعدية، وذلك بالحرص الشديد على غسل اليدين وتطهيرهما كلما لمست يداً أخرى أو شيئاً آخر. فقد تصافح شخصاً ليس مصاباً بمرض معد كالزكام والأنفلونزا والأمراض الجرثومية ولم يمس شيئاً ملوثاً، ومع ذلك فمن المحتمل أنه صافح شخصاً آخر مصاباً أو أن الآخر صافح مصاباً أو لمس شيئاً ملوثاً بما في ذلك أوراق النقد التي تحمل مئات الجراثيم والفيروسات، وغيرها وغيرها. أما السلام عن قرب من الفم والأنف فَيُسهّل انتقال الفيروسات والجراثيم حتى من الشخص السليم إلى من ضعفت مقاومتهم كمرضى السرطان.

وقد يتحقق القضاء التام على جميع أمراض السرطان قبل تحقيق إيجاد علاج للقضاء على الأمراض المزمنة، كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم.

غير أن الأمل كبير في القضاء على الأمراض المزمنة بالوسائل نفسها التي اكتشفت عن طريقها أدوية فاعلة لعلاج أنواع كثيرة من الأمراض العضال. والمأساة الحقيقية هي استغلال مخاوف مرضى السرطان وأحياناً غير السرطان بوسائل الدجل والخرافات والروايات الشخصية التي لا تخضع للتجارب العلمية المثبتة، بوعدهم بالعلاج والشفاء بمقابل أو من دون مقابل. ينبغي ألا يثق المريض ولا ذووه بأي علاج أو إجراء لا تحكمه القوانين العلمية الموضوعية. فلا يحسن بالمريض ولا بذويه اللجوء، بعد الله، لغير المستشفيات الحقيقية المعروفة بتفوقها والأطباء المتخصصين المؤهلين.

والله من وراء القصد.

أكاديمي سعودي

0 comments: